الدعاء من العبادات العظيمة الجليلة، والتي لها شأنها في شهر رمضان، وارتباطها الوثيق بالمسلم، فما أن يقدم هذا الشهر المبارك إلا ويتبارى الناس للمزيد من تلك العبادة.
دعوة لا ترد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم» (رواه ابن ماجة).
تخلل الدعاء في آيات أحكام الصيام ودلالته:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].
فالآيات التي تحدثت عن الصيام وأحكامه في سورة البقرة، تضمنت آية، تحدثت عن أمر آخر، وهي قول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].
قال ابن كثير رحمه الله: "وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدَّة، بل وعند كل فطر..." (التفسير؛ [1/396]).
وللصائم أن يتأدب بآداب الدعاء، والتي منها:
1- إخلاص الدعاء لله تعالى، فلا يدعو معه أحداً، بل يدعوه وحده لا شريك له، كما أمر الله بذلك: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن:18].
2- دعاء الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العليا، والثناء عليه وحمده كما قال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف من الآية:180].
3- الدعاء بالخير، والبعد عن الإثم، وقطيعة الرحم، والاستعجال؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي» (متفق عليه).
4- حسن الظنِّ بالله تعالى؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة...» (رواه الترمذي).
5- إطابة المأكل، والمشرب، والملبس؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا ربّ، يا ربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك» (رواه مسلم).
6- تحري أوقات إجابة الدعاء، والتي منها ليلة القدر، والتي هي خير من ألف شهر؛ قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3].